مطرح مديونة من جديد
إالمطرح العمومي بمديونة
باطن المزبلة واقع من التواطئات وتحصيل الرشاوى والامتيازات، لا يكشفه ظاهرها
تخلصت مزبلة مديونة من دخانها الكثيف، الذي كان يملأ الأجواء المحيطة بروائح كريهة كان مداها يصل إلى الجماعات المجاورة كبوسكورة و اسباتة و مركز مديونة… و هذا راجع بالأساس إلى ردم النفايات و معالجتها بكميات هائلة من الأتربة المهملة و مخلفات المباني قضت بنسبة كبيرة على انبعاث ألسنة الأدخنة الناتجة عن احتراق النفايات المنزلية و غيرها، لكن الذي لم تستطع الشركة الأمريكية "إيكوميد كازا" التخلص منه هو السيول الجارفة المتسربة من مطرح النفايات و التي قضت أمواجها السامة على الأخضر و اليابس و تسربت إلى أراضي فلاحية مجاورة و تسببت موادها العضوية في إحراقها و تحويلها إلى مستنقعات تعج بمختلف القاذورات ، وفاحت منها روائح كريهة مزعجة تزكم الأنوف من على بعد مئات الأمتار دون أدنى اكتراث من طرف مسئولي الشركة الأمريكية التي عملت على تهيئ الواجهة الأمامية للمزبلة المقابلة للطريق الرئيسية لإعطاء الانطباع على أنها- أي الشركة- ماضية في اتجاه إنجاح مشروعها المتمثل في إعادة تأهيل و ترميم المطرح العمومي، لدر الرماد في العيون ،بهدف تمرير ممارسات منفلتة من كل حس بالمسؤولية و التي كانت سائدة إبان حقبة المجموعة الحضرية كما سنوضح في هذه الورقة.
ضيعات خاصة داخل المزبلة
عملت الشركة الأمريكية بإيعاز من بعض مستخدميها إلى تخصيص مزابل صغيرة لرعاة الأغنام و تنقيتها كلما امتلأت فضلا عن توزيع شاحنات النفايات عليها و السماح لها بإفراغ حمولتها التي يستعملها الرعاة كعلف مجاني لماشيتهم، مما ساهم في تشتيت النفايات و بطبيعة الحال فإن ذلك لا يتم إلا بعد تحصيل مقابل لذلك، حتى نفايات مطار محمد الخامس ثم منعها من ولوج المزبلة حتى ثم الاتفاق خلسة بين الشركة مع من يستغلون هذه النفايات ويتاجرون فيها و تم تخصيص أتاواة أسبوعية كما أكدت على ذلك مصادر الجريدة من جوف مطرح مديونة، ويتم استغلال آليات الشركة الأمريكية عطلة نهاية الأسبوع و في الصباح الباكر لتنظيف ضيعات الرعاة و غيرهم دون علم مسئولي الشركة الذين يكونون وقتها بمنازلهم يغطون في نوم عميق، حتى بائعو المتلاشيات لم يسلموا من تسيب مستخدمي الشركة الأمريكية و فرضوا عليهم مبلغا ماليا مقابل تركهم يبيعون و يشترون وسط المزبلة دون تضييق الخناق عليهم ،كما أكد على ذلك مصدر مطلع على علم تام بما يجري و يدور بمطرح العاصمة الاقتصادية
شاحنات عملاقة بين المطرقة و السندان
تدفقت الأتربة و مخلفات المباني على مطرح مديونة بشكل ملفت للانتباه، استفادت منه الشركة الأمريكية في تهيئ الواجهة الأمامية المقابلة لصهريج الماء و الطريق الرئيسية إلا أن مجموعة من الغرباء لا علاقة لهم بالمزبلة أخذوا منذ مدة في إقلاق سائقي الشاحنات و فرضوا عليهم رشاوى تحت التهديد وصلت إلى حد إشهار السكاكين في وجوههم مقابل تركهم يفرغون حمولاتهم وقد أدخل هؤلاء المنحرفون الخوف و الهلع حتى في صفوف إدارة الشركة الأمريكية، ما جعل هذه الأخيرة تعقد معهم اتفاقا شفهيا، يقضي بأن تعتمد عليهم في جلب الأتربة مقابل مبالغ مالية أسبوعية حتى تبقى تستفيد من تدفق الأتربة على مطرح النفايات خصوصا و أن هؤلاء المنحرفين لهم القدرة على تغيير مسار هذه الشاحنات إلى وجهات أخرى و سبق لها أن هددت بذلك المسئول الأول عن الشركة بالمزبلة على خلفية خصام سابق بين الطرفين. وصل صداه في أكثر من مناسبة إلى السلطات المحلية، لكنها عندما تأتي يلوذ الغرباء بالفرار
فقد أكد مصدر عليم بالمزبلة على أن ايكوميد كازا عاجزة عن توفير الأتربة لإعادة تأهيل مطرح النفايات بالاعتماد فقط على نفسها دون الإستعانة بمنحرفين عاثوا في بوابة المزبلة فسادا و حولوها إلى حلبة لاستعراض عضلاتهم و قوتهم البدنية، أمام مرأى و مسمع الجميع خصوصا الجهات المعنية التي عجزت عن وضع حد لهذه الفوضى، و الحديث عن هذا الموضوع يحيلنا إلى ما وقع مؤخرا ببوابة المزبلة حيث تقفز إلى الذاكرة واقعة توقيف شاحنات الأزبال و إسقاط البوابة الرئيسية و توقيف الموازين لما يزيد عن الساعتين بسبب معركة دامية أبطالها مجموعة من المنحرفين تعتمد عليهم الشركة الأمريكية في جلب الأتربة بهدف انجاح مشروعها الذي يبقى مصيره معلقا بيد كمشة من الغرباء يرابطون أحيانا بالبوابة الرئيسية و في أحيان أخرى بوسط المزبلة
خروقات تطال مشروع إعادة تأهيل المزبلة
أفادتنا مصادر مسئولة تعنى بالمجال البيئي على أن المهندس الذي وضع التصميم الهندسي لمشروع إعادة تأهيل المطرح البيضاوي، كان تصميمه يراعي جانب تسرب المياه العادمة و التي يصطلح على تسميتها عند أهل الاختصاص بالليكسيفيا أو عصارة الأزبال و ذلك بخلق صهاريج عملاقة لتجميعها للحد من تدفقها نحو أراض فلاحية و تجمعات آهلة بالسكان، حيث كان التصميم الهندسي ينص على معالجة النفايات و تقويمها و ردمها و العمل على التخلص من عصارة الأزبال و معالجتها بطريقة عصرية عبر تجميعها في صهاريج خاصة و معالجتها بمواد معينة لتجنب الروائح الكريهة و حفاظا على جودة البيئة و سلامة الفرشة المائية إلا أن رحيل هذا المهندس - الذي يشهد له الجميع بالكفاءة – عجل بوأد تصميمه في المهد و حال دون تطبيقه على أرض الواقع و النتيجة أن عملية الردم في الوقت الحالي تتم بطريقة عشوائية دون وجود مهندس مختص فكان من تداعيات ذلك تسرب عصارة الأزبال دون أن تجد صهاريج لاحتوائها و كتم أنفاس روائحها الكريهة الخانقة. وصل صداها إلى بعض المنابر الإعلامية التي حلت إلى عين المكان من أجل الوقوف على حقيقة الأوضاع داخل المطرح العمومي لكنها لم تتمكن من ذلك وعادت إلى مكاتبها بخفي حنين ،بعد منعها من ولوج البوابة الرئيسية لمجمع النفايات،بل أعطت الشركة الأمريكية تعليمات لمستخدميها داخل المزبلة بالامتناع عن الإدلاء بأي تصريح في حال تسلل أحد الصحفيين إلى جوف المزبلة ومنعهم كذلك من التقاط الصور
فبعد أزيد من سنة من اشتغال الشركة الأمريكية بمطرح مديونة،، ظهرت مجموعة من العيوب و الاختلالات و الخروقات أخلت بالمحيط البيئي و ساهمت في تردي الأوضاع الأمنية، الأمر الذي يفرض وقفة لتصحيح الأوضاع قبل فوات الأوان في ظل الصمت المريب الذي يكتنف واقع الحال بمزبلة مديونة وهو صمت اعتبرته مصادر جمعوية بمثابة الإدانة
من جهتها أكدت مصادر مسئولة من شركة إيكوميد كازا فضلت عدم ذكر إسمها على أن الشركة الأمريكية لم يمض على وجودها سوى أربعة عشرة شهرا واستطاعت خلال هذه المدة في أن تتغلب على مشكل انبعاث الدخان الذي كان يلوث المكان وذلك عبر تغطية واجهة المزبلة وجنباتها بجبال من الأتربة إستطعنا من خلاله التغلب على مشكل الدخان بنسبة كبيرة ونحتاج إلى وقت أكبر للتغلب على المشاكل الأخرى المطروحة مثل تسرب المياه أما مظاهر إبتزاز سائقي شاحنات الأتربة وغيرها يضيف نفس المصدر فهو من اختصاص الجهات الأمنية التي عليها التدخل بهدف وضع حد لهذه الفوضى أما الجمعيات فقد طالبت بضرورة تعزيز بوابة المطرح العمومي بعناصر من الدرك الملكي وأفراد القوات المساعدة لإعادة استتباب الأمن ‘لأن المطرح العمومي يعيش حاليا على إيقاع الفوضى و الجريمة
جمال بوالحق : 15/08/2010